يوم يتخلى عنك ابنك

يوم القيامة هو يوم رهيب يصعب تخيله، يوم يتخلى عنك ابنك ويفر المرء من كل شيء وحتى من أحب الناس إليه. يأتي هذا اليوم بصاخة تجعل الإنسان يهرب من أخيه، أمه، أبيه، زوجته وأبنائه. هذا الهروب ليس فقط بسبب الخوف، ولكن لأنه مشغول بنفسه وبما قد يصيبه من أهوال. في هذا المقال، سنستعرض تفسير القرطبي لهذه الآيات من سورة عبس، ونفهم الأسباب الكامنة وراء هذا الفرار العظيم.

يوم يتخلى عنك ابنك

هروب المرء من أحبائه

قال الله تعالى في سورة عبس:

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)

سورة عبس

يفر المرء من أخيه، وأمه، وأبيه، وزوجته، وأبنائه في هذا اليوم العظيم. تفسير القرطبي يوضح أن هذا الفرار ليس فقط بسبب الخوف، بل لأن كل إنسان مشغول بنفسه وأهواله.

الأسباب وراء الهروب

• اشتغال النفس: المرء مشغول بنفسه وشأنه، كما قال الله تعالى: “لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ”.
• الخوف من المطالبة بالتبعات: قد يهرب المرء خشية من أن يطالبه أحباؤه بأمور بينهما من التبعات.
• حالة الشدة: لئلا يرى أحباؤه ما هو فيه من الشدة والكروب.
• عدم النفع المتبادل: علم الإنسان أن أحباؤه لن يستطيعوا نفعه في هذا اليوم الرهيب، كما قال الله تعالى: “يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا”.

تبرؤ الأنبياء من أحبائهم

أمثلة من الأنبياء

ذكر الضحاك عن ابن عباس أن الأنبياء أنفسهم يفرون من أحبائهم في هذا اليوم:

• قابيل يفر من هابيل.
• النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يفر من أمه.
• إبراهيم (عليه السلام) يفر من أبيه.
• نوح (عليه السلام) يفر من ابنه.
• لوط (عليه السلام) يفر من امرأته.
• آدم يفر من سوأة بنيه.

حديث الرسول عن يوم القيامة

في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:

يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا”، قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: “يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض

صحيح مسلم

هذا الحديث يوضح مدى هول الموقف الذي يجعل الناس غير مكترثين حتى بأقرب الناس إليهم.

سؤال وجواب

خاتمة

يوم القيامة هو يوم رهيب لا يمكن تخيله، حيث يهرب المرء من أحبائه ومن كل من يعرفه. إنه يوم يتخلى فيه ابنك عنك وأنت تتخلى عن أحبائك، مشغولاً بنفسك وما قد يصيبك. تفسير القرطبي لهذه الآيات يوضح لنا الأسباب الكامنة وراء هذا الهروب العظيم. لنتذكر دائمًا أن الاعتماد على الله هو السبيل الوحيد في هذه الدنيا وفي الآخرة.